إنجيل برنابا ؛ مهزلة تاريخية , جغرافية و علمية ..
كثر في الآونة الأخيرة الحديث عن ما يسمى بإنجيل برنابا , هذا الكتاب الذي كان و مايزال شمّاعة تُرمى عليها اتهامات المشككين و مُدعي العلم و البحث...
ففي السطور القليلة القادمة سأتناول هذا الكتاب من وجهة نظر منطقية بحتة , و سوف أنطلق من السؤال الجوهري لكل المشككين :
- لماذا اعتبرت الكنيسة هذا الكتاب من الأناجيل المنحولة ؟
الأناجيل هي بالدرجة الأولى شهادة تاريخية عن حياة يسوع المسيح .
إذاً نحن هنا أمام دراسة لوثائق تاريخية .
و لنتمكن من الحكم على مخطوطة تاريخية بأنها صحيحة أم لا يجب أن نأخذ ثلاث أوجه _ بحسب عالم الآثار الشهير سي.ساندر_ :
أولاً : الاختبار المخطوطي : أي تتم عملية دراسة لعدد النسخ المأخوذة عن المخطوطة الأصلية و مدى تطابقها الحرفي معها (لنتأكد من أن النص الموجود بين أيدينا الآن مطابق للأصلي )
ثانياً : اختبار البرهان الداخلي : وهو ما يقوله الكتاب عن نفسه ( منطقية ما جاء فيه )
ثالثاً :اختبار البرهان الخارجي : ما يقوله المعاصرون عنه .
دعونا نقارن إذاً بين العهد الجديد الكنسي و انجيل برنابا ؛ من خلال الأوجه الثلاث تلك :
أولاً : الإختبار المخطوطي :
1ً – للعهد الجديد :
حين يتعلق الأمر بالمخطوطات المنسوخة المعتمدة للعهد الجديد فإننا نجدها كثيرة جداً , حيث يوجد لدينا اليوم أكثر من 20000 نسخة .
2ً – لإنجيل برنابا :
وجدت لإنجيل برنابا مخطوطتان فقط! الأقدم باللغة الإيطالية و الأخرى بإحدى لهجات إسبانيا , و بعد فقدان المخطوطة الإسبانية حالياً فإن النص الباقي هو نسخة جزئية من القرن الثامن عشر .
ثانياً : اختبار البرهان الداخلي :
1ً - للعهد الجديد :
لم يتم العثور على أي خطأ تاريخي أو جغرافي أو علمي في العهد الجديد .
بالإضافة إلى أن كتّاب العهد الجديد قد شاهدو بأعينهم ما قد كتبوه :
يقول بطرس في 2 / 1 : 3
"لأننا لم نتبع خرافات مصنعة إذ عرفناكم بقوة ربنا يسوع المسيح بل قد كنا معاينين عظمته "
و يقول يوحنا في رسالته الأولى 1 : 3
"الذي رأيناه و سمعناه نخبركم به لكي يكون لكم أيضاً شركة معنا (...) "
2ً – لإنجيل برنابا :
حمل هذا الكتاب بين دفتيه أخطاء جغرافية و تاريخية و علمية لا يحتملها عقل أي راشد مثقف , و هناك بعض من هذه الأخطاء التي تثبت أن كاتب هذا الإنجيل كتبه بعد مجيء يسوع المسيح بما لا يقل عن 1600 سنة :
• الخطأ في اليوبيل
في الفصل (15:82) يتكلم عن اليوبيل العيد اليهودي وقال أنه يقع كل مائة سنة بينما اليوبيل منذ أيام اليهود كان يحتلفون به كل خمسين سنة ولم يصبح كل مئة عام إلا منذ بداية القرن 14.
وهو ما أعتبره الباحثون والأكاديميون دليل كبير أن مؤلف الكتاب كان يعيش في القرن 14 ففي العيد يطلق العبيد وترجع الأراضي المرهونة والكنيسة قررت استخدام تعبير اليوبيل وجعلت كل يوبيل هناك احتفال وظل كل خمسون سنة حتى عام 1300 جاء البابا وقرر أن يكون اليوبيل كل مائة سنة إلي عام 1343 حيث تغيرت مرة أخرى فلم تكن كل مائة سنة إلا من 1300 إلى 1343.
• أورشليم والناصرة
وردَ في الكتاب على الفصل 19 و20 و157 و166، أنّ النّاصرة وأورشليم هُما ميناءان على البحر
والجغرافيا والعلم يخبرنا أنّه لا يُحيط بهاتَين المدينَتَين أيّ بحر
و غيرها الكثير...
ثالثاً : اختبار البرهان الخارجي :
1- للعهد الجديد :
التاريخ يذكر شهود يسوع ال12 و استشهادهم حتى الدم لأجل ما شهدوا به عن إلههم بأنه عمل المعجزات و قام من بين الأموات .
حيث مات بطرس و أندراوس و يعقوب ابن حلفى و سمعان و فيليبس و برثلماوس صلباً , و مات متى و يعقوب بن زبدى بالسيف و يعقوب رجم و توما بالحربة و تداوس قتل رمياً بالسهام .
2- لإنجيل برنابا :
بسبب ما جاء في هذا الكتاب من أخطاء تاريخية و جغرافية تكشف كذب شهادة كاتبه رأى العلماء المدققين أن كاتب إنجيل برنابا هو للراهب المسيحي مارينو، بعد اعتناقه الإسلام، حيث تسمّى بإسم مصطفى العرندي و ألف إنجيل برنابا في القرن الخامس عشر ميلادي أي بعد مجيء رسول الإسلام محمد بـ 9 قرون.
ختاماً :
بعدما درسنا سوية هذا الكتاب دراسة علمية تاريخية سريعة متواضعة و قارناه مع الأسفار القانونية بما فيها العهد الجديد يترك للقارئ التفكير , الإقتناع و القرار , للتمييز بين صدق شهادتين أحدهما لرسل شاهدوا يسوع و لمسوه و عذبوا حتى الدم لأجل شهادتهم و بين كتاب لراهب دجال شهد على أنه رأى المسيح بعد صعوده بعشرات القرون .
للكنيسة معزٍّ مرشد هو الروح القدس , فبنعمته و فطنة آباء الكنيسة تم حفظ الإيمان سالماً بغير تشويه , كل الشكر و التسبيح لربنا يسوع إلى أبد الدهور آمين .
المراجع :
-موقع ويكيبيديا على الرابط .
- كتاب أعظم من نجار للكاتب و الباحث العالمي جوش ماكدويل .
-كتاب إنجيل برنابا الترجمة العربية .