نص الشبهة:
أَمَّا ٱلرَّجُلُ فَفَارِغٌ عَدِيمُ ٱلْفَهْمِ ، وَكَجَحْشِ ٱلْفَرَا يُولَدُ ٱلْإِنْسَانُ.
أَيُّوبَ ١١:١٢
كيف يصف الله الإنسان بأنه مثل الجحش!
هل الله يناقض نفسه وهو من قال أنه خلق الإنسان على صورته ومثاله؟
لقد قام المشكك باقتطاع الآية من سياقها، وقولبتها بالشكل الذي يخدم ادعائه (ككل الشبهات)
لذا دعونا نرى سياقها، وتفسيرها الحقيقي..
لنبدأ :)
يحكي لنا سفر أيوب، أن أيوب كان انساناً باراً، يطيع الله ويقدم المحرقات عنه وعن ابنائه، ويخاف الرب خالقه، ثم يذكر لنا أن الشيطان قال لله، أن عبده أيوب لن يبقى باراً أمامه إذا خسر ما له بل سيجدف عليه أيضاً، فيسمح الله الواثق بعبده أيوب، للشيطان أن يجربه، لذا يذهب الشيطان ويمس كل ما لأيوب فيخسر أيوب ابنائه وثروته وحتى صحته، بتقرح جسده..
فيحزن أيوب ويحلق شعر رأسه ويجلس في وسط الرماد بحزن، إلى أن يسمع أصحابه الثلاثة بذلك، فيأتون ليرثوا له و يعزوه.
وهؤلاء الأصحاب هم :
أليفاز التيماني
بلدد الشّوحي
وصوفر النَّعماتي، وهو موضوع شبهة اليوم..
بعدما يصل أصحاب أيوب إليه، يجلسون قدامه 7 أيام صامتين، لأنهم رأوا كآبته انها كانت عظيمة جداً...
ثم يبدأ أيوب بالكلام ويبدأ أصحابه بالرد عليه، ليفسر كل واحد آلام أيوب حسب تفكيره:
فبرأي أليفاز أيوب يتألم لأنه أخطأ
وبالنسبة لبلدد لأنه لا يقر بذنبه
أما بالنسبة لصوفر فرأى أن خطية أيوب تستحق آلاماً أكثر مما يعانيه
وهنا نرى أن السفر قد نقل كلام كل شخصية بأمانة، فذكر لنا ما قاله أيوب، و ما قاله أليفاز و أيضاً ما قاله صوفر وبلدد، لنصل بذلك إلى مربط الفرس، زبدة الموضوع، وقلب الشبهة وهي أن:
الآية التي ذكرها المشكك لم تكن من أقوال الله، ولا تشريع منه، أو تصريح من فمه، بل كانت كلام صوفر النَّعماتي وسياق الآية هكذا :
فَأَجَابَ صُوفَرُ ٱلنَّعْمَاتِيُّ وَقَالَ: «أَكَثْرَةُ ٱلْكَلَامِ لَا يُجَاوَبُ، أَمْ رَجُلٌ مِهْذَارٌ يَتَبَرَّرُ؟ أَصَلَفُكَ يُفْحِمُ ٱلنَّاسَ، أَمْ تَلِخُّ وَلَيْسَ مَنْ يُخْزِيكَ؟ إِذْ تَقُولُ: تَعْلِيمِي زَكِيٌّ ، وَأَنَا بَارٌّ فِي عَيْنَيْكَ. وَلَكِنْ يَا لَيْتَ ٱللهَ يَتَكَلَّمُ وَيَفْتَحُ شَفَتَيْهِ مَعَكَ، وَيُعْلِنُ لَكَ خَفِيَّاتِ ٱلْحِكْمَةِ! إِنَّهَا مُضَاعَفَةُ ٱلْفَهْمِ، فَتَعْلَمَ أَنَّ ٱللهَ يُغْرِمُكَ بِأَقَلَّ مِنْ إِثْمِكَ . «أَإِلَى عُمْقِ ٱللهِ تَتَّصِلُ ، أَمْ إِلَى نِهَايَةِ ٱلْقَدِيرِ تَنْتَهِي؟ هُوَ أَعْلَى مِنَ ٱلسَّمَاوَاتِ، فَمَاذَا عَسَاكَ أَنْ تَفْعَلَ؟ أَعْمَقُ مِنَ ٱلْهَاوِيَةِ، فَمَاذَا تَدْرِي؟ أَطْوَلُ مِنَ ٱلْأَرْضِ طُولُهُ، وَأَعْرَضُ مِنَ ٱلْبَحْرِ. إِنْ بَطَشَ أَوْ أَغْلَقَ أَوْ جَمَّعَ، فَمَنْ يَرُدُّهُ ؟ لِأَنَّهُ هُوَ يَعْلَمُ أُنَاسَ ٱلسُّوءِ ، وَيُبْصِرُ ٱلْإِثْمَ، فَهَلْ لَا يَنْتَبِهُ ؟ أَمَّا ٱلرَّجُلُ فَفَارِغٌ عَدِيمُ ٱلْفَهْمِ ، وَكَجَحْشِ ٱلْفَرَا يُولَدُ ٱلْإِنْسَانُ.
أَيُّوبَ ١١:١-١٢
إذاً فالكلام منسوب لله زوراً، وتلفيقاً، وهو بالحقيقة كلام صوفر النَّعماتي!
لكن السؤال:
بعد ظهور حقيقة أن الله ليس من قال الآية بل صوفر، هل من دليل كتابي على عدم رضى الله عن كلام صوفر؟
أجل، فالجدير بالذكر، أن الله وبخ أصدقاء أيوب الثالثة، ومن ضمنهم صوفر :
وَكَانَ بَعْدَمَا تَكَلَّمَ ٱلرَّبُّ مَعَ أَيُّوبَ بِهَذَا ٱلْكَلَامِ، أَنَّ ٱلرَّبَّ قَالَ لِأَلِيفَازَ ٱلتَّيْمَانِيِّ: «قَدِ ٱحْتَمَى غَضَبِي عَلَيْكَ وَعَلَى كِلَا صَاحِبَيْكَ، لِأَنَّكُمْ لَمْ تَقُولُوا فِيَّ ٱلصَّوَابَ كَعَبْدِي أَيُّوبَ.
أَيُّوبَ ٤٢:٧
فكيف يغضب الله على صوفر ان كان يتكلم كلامه؟
كيف يكون كلام صوفر صحيح، ويقول الله أنه لم يتكلم فيه بالصواب؟
بل ويأمره وصاحبيه أن يقدما ذبائح تكفير عن ذنوبهم:
وَٱلْآنَ فَخُذُوا لِأَنْفُسِكُمْ سَبْعَةَ ثِيرَانٍ وَسَبْعَةَ كِبَاشٍ وَٱذْهَبُوا إِلَى عَبْدِي أَيُّوبَ ، وَأَصْعِدُوا مُحْرَقَةً لِأَجْلِ أَنْفُسِكُمْ، وَعَبْدِي أَيُّوبُ يُصَلِّي مِنْ أَجْلِكُمْ ، لِأَنِّي أَرْفَعُ وَجْهَهُ لِئَلَّا أَصْنَعَ مَعَكُمْ حَسَبَ حَمَاقَتِكُمْ، لِأَنَّكُمْ لَمْ تَقُولُوا فِيَّ ٱلصَّوَابَ كَعَبْدِي أَيُّوبَ».
أَيُّوبَ ٤٢:٨ AVD
بهذا نعرف تدليس المشكك ونرى أن:
-الله لم يقل أن الإنسان كجحش الفرا
-الله غير راضي عن قول صوفر لذلك، حتى أنه أمره، أن يقدم ذبيحة للتكفير عن ذنبه (أَيُّوبَ ٤٢:٨)
الحقيقة الوحيدة التي ذكرها المشكك أن الله المحب للبشر، خلقهم على صورته ومثاله :
فَخَلَقَ ٱللهُ ٱلْإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ ٱللهِ خَلَقَهُ. ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ.
اَلتَّكْوِينُ ١:٢٧
فشكراً لله خالقنا على محبته، وعلى هديته العظيمة التي هي: الكتاب المقدس
ليكن لمجد الله