القائمة الرئيسية

الصفحات

هل الله يريد الجهل للإنسان، لأنه منعه من الأكل من شجرة المعرفة؟

 قبل كل شيء :
عندما نقول أن الله منع ادم وحواء من المعرفة بمنع أكلهم من شجرة معرفة الخير والشر، فإننا نقول ضمناً أن الله خلقه جاهلاً، يحتاج لامتلاك المعرفة من خلال الشجرة،فهل الله خلق ادم جاهلاً فعلاً؟

يعطينا القديس يوحنا الذهبي الفم دليلان شديدا الأهمية على حكمة أدم :

الأول في شرح هذه الآية

وَجَبَلَ الرَّبُّ الإِلهُ مِنَ الأَرْضِ كُلَّ حَيَوَانَاتِ الْبَرِّيَّةِ وَكُلَّ طُيُورِ السَّمَاءِ، فَأَحْضَرَهَا إِلَى آدَمَ لِيَرَى مَاذَا يَدْعُوهَا، وَكُلُّ مَا دَعَا بِهِ آدَمُ ذَاتَ نَفْسٍ حَيَّةٍ فَهُوَ اسْمُهَا."(تك 19:2)

حيث يقول القديس يوحنا نصَّاً :
قول موسى ( وكل ما دعا به آدم ذات نفس حية فهو اسمها ، لا لكي نفهم حكمة آدم فقط ، لكن ولكى يظهر علامة السيادة بوضعه الاسماء للحيوانات والطيور : لأن الناس قد اعتادوا أن يضعوا علامة السيادة إذا ما ابتاعوا عبيداً أن يضعوا لهم اسماء لهذا السبب جعل لآدم كسيد أن يضع اسما لكل الحيوانات والطيور . وامعن النظر كم كان لآدم من الحكمة حتى انه وضع الاسماء لأجناس هذا) <1>

الثاني في شرح هذه الآية
فَقَالَ آدَمُ: «هَذِهِ ٱلْآنَ عَظْمٌ مِنْ عِظَامِي وَلَحْمٌ مِنْ لَحْمِي. هَذِهِ تُدْعَى ٱمْرَأَةً لِأَنَّهَا مِنِ ٱمْرِءٍ أُخِذَتْ». لِذَلِكَ يَتْرُكُ ٱلرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِٱمْرَأَتِهِ وَيَكُونَانِ جَسَدًا وَاحِدًا. (تك23-24:2)

حيث يقول القديس يوحنا نصَّاً :
تأمل أيها الحبيب تلك الحكمة التى لا توصف المفوضة إلى آدم من الله ، إذ أهل للنعمة الأبوية وأنه تنعم من تعليم الروح القدس، والدليل على ذلك أنه لم يعرف شيئا مما حدث له ، ولكن عندما أحضر الرب إليه المرأة قال بروح النبوة ( هذه الآن عظم من عظامي ولحم من لحمى ، ثم لكى تعلم صحة نبوته اسمع ما قاله بعد ذلك « هذه تدعى امرأة لأنها من امرء أخذت أرأيت كيف يشرح لنا آدم كل ما جرى بنبوته ؟<2>

والآن بعد أن أثبتنا عدم جهل آدم، ورأينا الحكمة والسيادة المعطاة له من الله، لنرى سبب منع الله لآدم من الأكل من الشجرة:

الله أعطى آدم كامل الحرية في قبوله او رفضه، لم يفرض نفسه على ادم، الهنا ليس الهاً ديكتتورياً..
لكن أية حرية هذه المعطاة لإنسان عندما لا يوجد أمامه سوى خيار واحد لإختياره؟
لهذا السبب خلق الله الإنسان بكامل الخير والنقاء،ثم خلق شجرةً ومنعه من أكلها، ليضع أمامه الخيار في الطاعة أي البقاء في الخير وبالتالي البقاء بجانب الله، أو العصيان أي ارتكاب الشر وبالتالي السقوط.

وهنا نصل إلى مربط الفرس وهو: الإنسان يتعلم بالتباين

نحن نعرف طعم الحلو ونفهمه بدقة من خلال تذوق المر، اننا نفهم فكرة النور من خلال غيابه أي من خلال الظلام، وبنفس الطريقة عرف آدم الخير الذي خلق عليه من خلال تجربته للشر بعصيان الله..

اذاً آدم لم يكن يميز الخير والشر فكيف يحاسبه الله؟
الجواب أن هناك فرق بين (الصواب والخطأ) و بين (الخير والشر)
وآدم كان يعرف أن من الصواب عدم عصيان الله، وأن من عدم الصواب عصيانه..
لكنه لم يعلم بدقة الخير والشر إلا بتجربة الإثنين: الخير بأنه خُلق به والشر بأنه فعله

الخلاصة:
الله بمنعه من الشجرة لم يقصد منعه عن المعرفة والحكمة (بدليل أنه منحه اياها) بل كان يريد منعه عن تجربة الشر والابتعاد عنه لاأكثر، لذلك حدد اسم الشجرة بشجرة معرفة الخير والشر وليس المعرفة بشكل مطلق.

المراجع :
1- تفسير سفرالتكوين للقديس يوحنا الذهبي الفم- القمص اغناطيوس البرموسي - P33
2-تفسير سفرالتكوين للقديس يوحنا الذهبي الفم- القمص اغناطيوس البرموسي -P35


والمجد لله دائماً

أدرجت آيات الخلق في سفر التكوين في الذكاء الاصطناعي فأعطاني هذه الصورة التخيلية الجميلة




أنت الان في اول موضوع
هل اعجبك الموضوع :