القائمة الرئيسية

الصفحات

ما ذنب فرعون إذا كان الله هو من قسى قلبه؟

 ما ذنب فرعون إذا كان الله هو من قسى قلبه؟


سنتناول الموضوع وفق المحاور الآتية:

1- طبيعة قلب فرعون.

2- متى قال الله أنه سيقسي قلب فرعون؟ 

3- ماذا نستنتج؟ 

4- هل هناك ما يؤيد هذا المبدأ من الكتاب المقدس؟ 

5- قول القديس اغسطينوس. 


1- طبيعة قلب فرعون:

اذا تناولنا الاصحاحات الأولى من سفر الخروج بتأني سنجد فرعون قام بالتالي:

أ- استعبد الإسرائيليين بكل ظلم و ذلال وعنف، ليعملوا دون أجر حتى انهم بنوا له مدينتي مخازن : فيثوم ورعمسيس(خر 11:1)

ب- أمر قابلتي العبرانيات أن يقتلن كل صبي يولد ويبقين على حياة البنات فقط (خر16:1) إلا أن القابلتان خافتا الله ولم تفعلا كما أمرهما فرعون 

ت-  فأمر فرعون كل شعبه أن بقتل كل ابن يولد للعبرانيين (خر 22:1)

ث- بعدما دخل موسى وهارون إلى فرعون وقالا له أن الله يريده أن يطلق شعبه ليعبده نراه يطردهما

وفوق ذلك يأمر ألا يقدم لليهود بعد الآن التبن ليصنعوا منه اللِبن (اللبن هو حجر من طين يستخدم للبناء) بل أن يذهبوا هم و يبحثوا عن تبن، بل و يجب أن تبقى كمية الإنتاج نفسها!


مما سبق، نرى أن قلب فرعون بالأساس كان قاسياً قبل تدخل الله وأثناءه، فلم يكن فرعون انسان وديعاً، وقام الله بالتجني عليه وتقسية قلبه عنوة..


2- متى قال الله أنه سيقسي قلب فرعون؟

الجواب : بعد كل ما قرأته في المحور الأول، أي بعدما ظلم العبرانيين، وقتل أطفالهم، بعدما رفض السماع لصوت الله، و طرد موسى وهارون..


3- ماذا نستنتج؟

الجواب : نستنتج أن الكتاب أرانا بوضوح تكبر فرعون، وإجرامه، وقساوة قلبه، وبعد ذلك عرض قول الله بأنه سيقسي قلب فرعون ولأول مرة في (خر 3:7) مما ينقلنا لسؤال :


لكن كيف سيقسي الله قلب فرعون، وهو أصلاً قاسي؟

هذا لبُّ الحوار، وهنا مربط الفرس:


كلمة الله عندما تعرض على الإنسان، إما تنقيه وترفعه، أو تقسيه وتهلكه، ليس لأن كلام الله يعطي الهلاك أو القسوة، بل لأن رفض الإنسان القاس القلب لكلام الله يجعله تحت دينونة، لأنه بحرية اختار أن يرفض الله.. 

 كلام الله ثابت وواحد هو (يع 1: 17)، لكن المعيار هو طبيعة قلب المتلقي، كمثل الأرض الجيدة و السيئة، فالمطر واحد، فعند هطوله لن تعطي الأرض السيئة ثمار في حين ستعطي الجيدة أشهاها... 

وكمثل قالب الطين و قالب الشمع، فالأول عند اشراق الشمس يتصلب و الآخر يلين فتشكله كما تريد، مع أن الشمس وأشعتها واحدة.. 


لذا عبارة : (الله قسى قلب فرعون) لا تعني أن الله حول فرعون من وديع لمتعجرف، بل تعني :

اشراق الله وكلامه في حياة فرعون، سيزيد قلبه تعجرفاً وقسوة، كما أن اشراق الشمس على قالب طين يقسيه، ليس لأن الشمس تقسي بل لأن ردة فعل الطين على شعاع الشمس هكذا.. 

و بما أن فرعون انسان حر وقاسي القلب، سيختار بحرية و قسوة قلبه رفض الله، وبالتالي يكون الله قد قسى قلب فرعون بسبب اشراقه على قلبه القاسي، المتعجرف والرافض.. 


4- هل هناك ما يؤيد هذا المبدأ من الكتاب المقدس؟

بكل تأكيد، يقول الرسول بولس :

"لأننا رائحة المسيح الذكية لله في الذين يخلصون وفي الذين يهلكون لهؤلاء رائحة موت لموت ولأولئك رائحة حياة لحياة"

 (2 كو 2: 15، 16)

فرائحة المسيح واحدة، لكنها موت للهالكين لأنها دينونة لهم، وحياة للمخلصين لأنها ملكوت لهم. 


5- يقول القديس أغسطينوس " لا يمكنك أن تحسب فرعون مُجردًا من الإرادة الحرة، فكون الله قد قال عنه في عدَّة مناسبات {قسيتُ قلب فرعون} أو {أقسى قلب فرعون} فلا تعني هذه الكلمات بأي حال من الأحوال أن فرعون لم يقسى قلبه بنفسه. لأنه قيل أيضًا في ارتفاع ضربة الذبان عن المصريين {ولكن أغلظ فرعون قلبه هذه المرة فلم يطلق الشعب} (خر 8: 32) إذًا فالله كان يقسي قلب فرعون بقضائه العادل، وفرعون كان يقسي قلبه كذلك بإرادته الحرة"

شرح سفر الخروج - دير القديس أنبا مقار ص 187، 188.




ليكن لمجد الله

هل اعجبك الموضوع :